مركز شباب القرشيه
مركز شباب القرشيه
مركز شباب القرشيه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مركز شباب القرشيه


 
الرئيسيةالبوابهأحدث الصورالتسجيلدخول
مركز شباب القرشيه يرحب بالزائريين
المواضيع الأخيرة
» مشاكل
ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول Icon_minitimeالخميس ديسمبر 16, 2010 3:35 am من طرف محمود محمد دبا

» عيدالاضحى المبارك
ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 16, 2010 8:30 am من طرف king

» الاب كان مسافر و لما رجع لقى ابنه مستنيه فى المطار
ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول Icon_minitimeالجمعة أكتوبر 15, 2010 4:41 pm من طرف fares

» شووووووووووووووووووووووووووووف
ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول Icon_minitimeالجمعة أغسطس 13, 2010 6:04 am من طرف fares

» اه يا اسمرانى اللون
ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول Icon_minitimeالجمعة أغسطس 13, 2010 6:02 am من طرف fares

» رمضان كريم
ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول Icon_minitimeالجمعة يوليو 30, 2010 10:59 am من طرف king

» دى اقدم عربيه
ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول Icon_minitimeالأحد يوليو 04, 2010 4:43 pm من طرف Dmo3

» مين هيطور مركز الشباب
ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول Icon_minitimeالأربعاء يونيو 23, 2010 9:43 pm من طرف fares

» مسجد الكوثر
ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول Icon_minitimeالسبت مايو 15, 2010 6:23 pm من طرف a3eshezay

مكتبة الصور
ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول Empty
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
ali zz
ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_vote_rcapذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_voting_barذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_vote_lcap 
fares
ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_vote_rcapذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_voting_barذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_vote_lcap 
king
ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_vote_rcapذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_voting_barذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_vote_lcap 
Admin
ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_vote_rcapذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_voting_barذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_vote_lcap 
darsh_ave5
ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_vote_rcapذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_voting_barذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_vote_lcap 
tarkan22s
ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_vote_rcapذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_voting_barذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_vote_lcap 
ابراهيم عسكر
ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_vote_rcapذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_voting_barذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_vote_lcap 
camp.poss
ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_vote_rcapذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_voting_barذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_vote_lcap 
drbaroudy
ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_vote_rcapذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_voting_barذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_vote_lcap 
the rock
ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_vote_rcapذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_voting_barذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول I_vote_lcap 
برامج تهمك
 

 

 

 

 

  

 

 

 

 

 

 

 

 ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


ذكر العقرب الثور تاريخ الميلاد : 01/11/1985
عدد المساهمات : 319
نقاط : 531
تاريخ التسجيل : 13/02/2010
العمر : 39

ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول Empty
مُساهمةموضوع: ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول   ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول Icon_minitimeالسبت فبراير 27, 2010 5:23 pm

ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول

قال الله تعالى :" واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا * فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا * قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا * قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا * قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا * قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا * فحملته فانتبذت به مكانا قصيا * فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا * فناداها من تحتها أن لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا * وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا * فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا * فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا * يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا * فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا * قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا * وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا * وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا * والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا * ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون * ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون * وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم * فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم ".

ذكر تعالى هذه القصة بعد قصة زكريا التي هي كالمقدمة لها والتوطئة قبلها ، كما ذكر في سورة آل عمران . . قرن بينهما في سياق واحد ، وكما قال في سورة الأنبياء :" وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين * فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين * والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين ".

وقد تقدم أن مريم لما جعلتها أمها محررة تخدم بيت المقدس ، وأنه كفلها أختها أو خالتها نبي ذلك الزمان زكريا عليه السلام ، وأنه اتخذ لها محراباً وهو المكان الشريف من المسجد ، لا يدخله أحد عليها سواه ، وأنها لما بلغت اجتهدت في العبادة فلم يكن في ذلك الزمان نظيرها في فنون العبادات ، وظهر عليها من الأحوال ما عبطها به زكريا عليه السلام ، وأنها خاطبتها الملائكة بالبشارة لها باصطفاء الله لها وبأنها سيهب لها ولداً زكياً يكون نبياً كريماً طاهراً مكرماً مؤيداً بالمعجزات ، فتعجبت من وجود ولد من غير والد ، لأنها لا زوج لها ، ولا هي ممن تنزوج فأخبرتها الملائكة بأن الله قادر على ما يشاء إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ، فاستكانت لذلك وأنابت وسلمت لأمر الله ، وعلمت أن هذا فيه محنة عظيمة لها ، فإن الناس يتكلمون فيها بسببه ، لأنهم لا يعلمون حقيقة الأمر ، وإنما ينظرون إلى ظاهر الحال من غير تدبر ولا تعقل .

وكانت إنما تخرج من المسجد في زمن حيضها أو لحاجة ضرورية لا بد منها من استقاء ماء أو تحصيل غذاء ، فبينما هي يوماً قد خرجت لبعض شئونها و " انتبذت " أي انفردت وحدها شرقي المسجد الأقصى إذا بعث الله إليها الروح الأمين جبريل عليه السلام " فتمثل لها بشرا سويا " فلما رأته " قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا " قال أبو العالية : علمت أن التقى ذو نهية . وهذا يرد قول من زعم أنه كان في بني إسرائيل رجل فاسق مشهور بالفسق اسمه تقي فإن هذا قول باطل بلا دليل ، وهو من أسخف الأقوال .

" قال إنما أنا رسول ربك " أي خاطبها الملك " قال إنما أنا رسول ربك " أي لست ببشر ولكني ملك بعثني الله عليك " لأهب لك غلاما زكيا " .

" قالت أنى يكون لي غلام " أي كيف يكون لي غلام أو يوجد لي ولد " ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا " أي ولست ذات زوج وما أنا ممن يفعل الفاحشة " قال كذلك قال ربك هو علي هين " أي فأجابها الملك عن تعجبها من وجود ولد منها والحالة هذه قائلاً : " كذلك قال ربك " أي وعد أنه سيخلق منك غلاماً ولست بذات بعل ، ولا تكونين ممن تبغين " هو علي هين " أي وهذا سهل عليك ويسير لديه ، فإنه على ما يشاء قدير .

وقوله :" ولنجعله آية للناس " أي ولنجعل خلقه والحالة هذه دليلاً على كمال قدرتنا على أنواع الخلق ، فإنه تعالى خلق آدم من غير ذكر ولا أنثى ، وخلق حواء من ذكر بلا أنثى ، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر ، وخلق بقية الخلق من ذكر وأنثى . وقوله " ورحمة منا " أي نرحم به العباد بأن يدعوهم إلى الله في صغره وكبره في طفوليته وكهوليته ، بأن يفردوا الله بالعبادة وحده لا شريك له وينزهوه عن اتخاذ الصاحبة والأولاد والشركان والنظراء والأضداد والأنداد .

وقوله :" وكان أمرا مقضيا " يحتمل أن يكون هذا من تمام كلام جبريل معها ، يعني أن هذا أمر قضاه وحتمه وقدره وقرره ، وهذا معنى قول محمد بن إسحاق واختياره ابن جرير ، ولم يحك سواه . . والله أعلم .

ويحتمل أن يكون قوله :" وكان أمرا مقضيا " كناية عن نفخ جبريل فيها كما قال تعالى :" ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا ".

فذكر غير واحد من السلف أن جبريل نفخ في جيب رعها فنزلت النفخة إلى فرجها فحملت من فورها كما تحمل المرأة عند جماع بعلها . ومن قال إنه نفخ في فمها أو أن الذي كان يخاطبها هو الروح الذي ولج فيها من فمها ، فقوله خلاف ما يفهم من سياقات هذه القصة في محالها من القرآن ، فإن هذا السياق يدل على أن الذي أرسل ملك من الملائكة وهو جبريل عليه السلام ، وأنه إنما نفخ فيها ولم يواجه الملك الفرج بل نفخ في جيبها فنزلت النفخة إلى فرجها فانسلكت فيه . كما قال تعالى :" فنفخنا فيه من روحنا " فدل على أن النفخة ولجت فيه لا في فمها ، كما رواه السدي بإسناده عن بعد الصحابة .

ولهذا قال تعالى :" فحملته " أي فحملت ولدها " فانتبذت به مكانا قصيا " وذلك لأن مريم عليها السلام لما حملت ضافت به ذرعاً ، علمت أن كثيراً من الناس سيكون منهم كلام في حقها ، فذكر غير واحد من السلف منهم وهب بن منبه أنها لما ظهرت عليها مخايل الحمل كان أول من فطن لذلك رجل من عباد بني إسرائيل يقال له يوسف بن يعقوب النجار ، وكان إبن خالها فجعل يعجب من ذلك عجباً شديداً ، وذلك لما يعمل من ديانتها ونزاهتها وعبادتها وهو مع ذلك يراها حبلى وليس لها زوج ، فعرض لها ذات يوم في الكلام فقال : يا مريم . . هل يكون زرع من غير بذر ؟ قالت : نعم ، فمن خلق الزرع الأول . ثم قال : فهل يكون ولد من غير ذكر ؟ قالت : نعم إن الله خلق آدم من ذكر ولا أنثى . قال لها : فأخبريني خبرك . فقال : إن الله بشرني " بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين * ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين ".

ويروي مثل هذا عن زكريا عليه السلام أنه سألها فأجابته بمثل هذا . . والله أعلم .

وذكر السدي بإسناده عن الصحبة : أن مريم دخلت يوماً على أختها فقالت لها أختها : أشعرت أني حبلى ؟ فقال مريم : وشعرت أيضاً أني حبلى ؟ فاعتنقتها وقالت لها أم يحيى : إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك وذلك قوله :" مصدقا بكلمة من الله " ومعنى السجود هاهنا الخضوع والتعظيم ، كالسجود عند المواجهة للسلام كما كان في شرع من قبلنا ، وكما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم : وقال أبو القاسم ، قال مالك يك بلغني أن عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا ابنا خالة وكان حملهما جميعاً معاً ، فبلغني أن أم يحيى قالت لمريم : إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك . قال مالك : أرى ذلك لتفضيل عيسى عله السلام ، لأن الله تعالى جعله يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص . وراه ابن أبي حاتم .

وروى عن مجاهد قال : قالت مريم : كنت إذا خلوت حدثني وكلمني وإذا كنت بين الناس سبح في بطني .

ثم الظاهر أنها حملت به تسعة أشهر كما تحمل النساء ويضعن لميقات حملهن ووضعهن ، إذ لو كان خلاف ذلك لذكر .

وعن ابن عباس وعكرمة أنها حملت به ثمانية أشهر ، وعن ابن عباس ما هو إلا أن حملت به فوضعته ، قال بعضهم : حملت به تسع ساعات واستأنسوا لذلك بقوله :" فحملته فانتبذت به مكانا قصيا * فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة ".

والصحيح أن تعقيب كل شيء بحبسه ، كقوله :" فتصبح الأرض مخضرة " وكقوله :" ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين " ومعلوم أن بين كل حالين أربعين يوماً كما ثبت في الحديث المتفق عليه .

قال محمد بن إسحاق : شاع واشتهر في بني إسرائيل أنها حامل ، فما دخل على أهل بيت ما دخل على آل بيت زكريا .

قال : واتهمها بعض الزنادقة بيوسف الذي كان يتعبد معها في المسجد ، وتوارت عنهم مريم واعتزلتهم وانتبذت مكاناً قصياً . وقوله :" فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة " أي فألجأها واضطرها الطلق إلى جذع النخلة ، وهو بنص الحديث الذي رواه النسائي بإسناد لا بأس به عن أنس مرفوعاً والبيهقي بإسناد وصححه عن شداد بن أوس مرفوعاً أيضاً بيت لحم الذي بني عليه بعض ملوك الروم فيما بعد على ما سنذكره هذا البناء المشاهد الهائل .

" قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا " فيه دليل على جواز تمني الموت عند الفتن ، وذلك أنها علمت أن الناس يتهمونها ولا يصدقونها بل يكذبونها حين تأتيهم بغلام على يدها ، مع أنها قد كانت عندهم من العابدات الناسكات المجاورات في المسجد المنقطعات إليه المعتكفات فيه ، ومن بيت النبوة والديانة فحملت بسبب ذلك من الهم ما تمنت أو لو كانت ماتت قبل هذا الحال أو كانت " نسيا منسيا " أي لم تخلق بالكلية .

وقوله :" فناداها من تحتها " وقرئ من " تحتها " على الخفض .

وفي المضمر قولان ، أحدهما أنه جبريل . قاله العوفي عن ابن عباس قال : ولم يتكلم عيسى إلا بحضرة القوم . وبهذا قال سعيد بن جبير وعمر بن ميمون والضحاك والسدي وقتادة . وقال مجاهد والحسن وابن زيد وسعيد بن جبير في رواية : هو ابنها عيسى ، واختاره ابن جرير .

وقوله :" أن لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا " قيل النهر وإليه ذهب الجمهور . وجاء فيه حديث رواه الطبراني لكنه ضعيف واختاره ابن جرير وهو الصحيح وعن الحسن والربيع بن أنس وابن أسلم وغيرهم أنه ابنها . والصحيح الأول لقوله :" وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا " فذكر الطعام والشراب ولهذا قال :" فكلي واشربي وقري عينا ".

ثم قيل : كان جذع النخلة يابساً وقيل كانت نخلة مثمرة . . فالله أعلم . ويحتمل أنها كانت نخلة ، لكنها لم تكن مثمرة إذا ذاك لأن ميلاده كان في زمن الشتاء وليس ذاك وقت ثمر ، وقد يفهم ذلك من قوله تعالى على سبيل الامتنان " تساقط عليك رطبا جنيا ".

قال عمرو بن ميمون : ليس شيء أجد للنفساء من التمر والرطب ثم تلا هذه الآية . وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين حدثنا شيبان ، حدثنا مسرور بن سعيد التميمي ، حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن عروة بن رويم عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" أكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم وليس من الشجر شيء يلقح غيرها ". وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" أطعموا نساءكم الولد الرطب ، فإن لم يكن رطب فتمر ، وليس من الشجر شجرة أرم على الله من شرجة نزلت تحتها مريم بنت عمران ".

وكذا رواه أبو يعلى في مسنده عن شيبان بن فروخ ، عن مسروق بن سعيد ، وفي رواية مسرور بن سعد ، والصحيح مسرور بن سعيد التميمي ، أورد له ابن عدي هذا الحديث عن الأوزاعي به ، ثم قال : وهو منكر الحديث ولم أسمع بذكره إلا في هذا الحديث .

وقال ابن حبان : يروى عن الأوزاعي المناكير الكثيرة التي لا يجوز الاحتجاج بمن يرويها . قوله :" فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا " وهذا من تمام كلام الذي ناداها من تحتها قال :" كلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا " أي فإن رأيت أحداً من الناس " فقولي " له أي بلسان الحال والإشارة " إني نذرت للرحمن صوما " أي صمتاً ، وكان من صومهم في شريعتهم ترك الكلام والطعام . قاله قتادة والسدي وابن أسلم ، ويدل على ذلك قوله :" فلن أكلم اليوم إنسيا " فأما في شريعتنا فيكره للصائم صمت يوم إلى الليل .

وقوله تعالى :" فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا * يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا " ذكر كثير من السلف ممن ينقل عن أهل الكتاب أنهم لما افتقدوها من بين أظهرهم ذهبوا في طلبها فمروا على محلتها والأنوار حولها ، فلما واجهوها وجدوا معها ولدها فقالوا لها :" يا مريم لقد جئت شيئا فريا " أي أمراً عظيماً منكراً . وفي هذا الذي قالوه ، مع أنه كلام ينقض أوله آخره وذلك لأن ظاهر سياق القرآن العظيم يدل على أنها حملته بنفسها وأتت به قومها وهي تحمله . قال ابن عباس : وذلك بعد ما تعالت من نفاسها بعد أربعين يوماً .

والمقصود أنهم لما رأوها تحمل معها ولدها " قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا " والفرية هي الفعلة المنكرة العظيمة من الفعال والمقال .

ثم قالوا لها :" يا أخت هارون " قيل شبهوها بعابد من عباد زمانهم كانت تساميه في العبادة ، وكان اسمه هارون . قاله سعيد بن جبير . وقيل أرادوا بهارون أخا موسى شبهوها به في العبادة ، وأخطأ محمد بن كعب القرظي في زعمه أنها أخت موسى وهارون نسباً فإن بينهما من الدهور الطويلة ما لا يخفى على أدنى من عنده من العلم ما يرده عن هذا القول الفظيع ، وكأنه غره أن في التوراة أن مريم أخت موسى وهارون ضربت بالدف يوم نجى الله موسى وقومه وأغرف فوعون وملأه ، فاعتقد أن هذه هي هذه .

وهذا في غاية البلان والمخالفة للحديث الصحيح من نص القرآن كما قررناه في التفسير مطولاً ولله الحمد والمنة .

وقد ورد في الحديث الصحيح الدال على أنه قد كان لها أخ اسمه هارون وليس في ذكر قصة ولادتها وتحرير أمها لها ما يدل على أنها ليس لها أخ سواها . . والله أعلم .

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن إدريس ، سمعت أبي يذكره ، عن سماك ، عن علقمة ابن وائل ، عن المغيرة بن شعبة قال : بعثني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى نجران فقالوا : أرأيت ما تقرءون :" يا أخت هارون " وموسى قبل عيسى بكذا وكذا ؟ قال فرحت فذكرت ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال :" ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمعون بالأنبياء والصالحين قبلهم ".

وكذا رواه مسلم والنسائي و الترمذي من حديث عبد الله بن إدريس ، وقال الترمذي : حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديثه ، وفي رواية :" ألا أخبرتهم أنهم كانوا يتسمون بأسماء صالحيهم وأنبيائهم ".

وذكر قتادة وغيره أنهم كانوا يكثرون من التسمية بهارون حيث قيل إنه حضر بعض جنائزهم بشر كثير منهم ممن يسمى بهارون أربعون ألفاً . . فالله أعلم .

والمقصود أنهم قالوا :" يا أخت هارون " ودل الحديث على أنها قد كان لها أخ نسبي اسمه هارون وكان مشهوراً بالدين والصلاة والخير ، ولهذا قالوا :" ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا " أي لست من بيت هذا شميتهم ولا سجيتهم لا أخوك ولا أمك ولا أبوك . فاتهموها بالفاحشة العظمى ورموها بالداهية الدهياء .

فذكر ابن جرير في تاريخه أنهم اتهموا بها زكريا وأرادوا قتله ففر منهم فلحقوه وقد انشقت له الشجرة فدخلها وأمسك إبليس بطرف ردائه فنشره فيها كما قدمناه ، ومن المنافقين من اتهمها بابن خالها يوسف بن يعقوب النجار .

فلما ضاق الحال وانحصر المجال وامتنع المقال ، عظم التوكل على ذي الجلال ، ولم يبقى إلا الإخلاص والاتكال " فأشارت إليه " أي خاطبوه وكلموه فإن جوابكم عليه وما تبغون من الكلام لديه ، فعندها " قالوا " من كان منهم جباراً شقياً :" كيف نكلم من كان في المهد صبيا " أي كيف تحيلينا في الجواب على صبي صغير لا يعقل الخطاب ، وهو مع ذلك رضيع في مهده ولا يميز بين مخض وزبده ، وما هذا منك إلا على سبيل التهكم بنا والاستهزاء والنقص لنا والازدراء إذ لا تردين علينا قولاً نطقياً ، بل تحيلين في الجواب على من كان في المهد صبياً .

فعندها :" قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا * وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا * وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا * والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا ".

هذا أول كلام تفوه به عيسى ابن مريم ، فكان أول ما تكلم به أن " قال إني عبد الله " اعترف لربه تعالى بالعبودية ، وأن الله ربه فنزه جناب الله عن قول الظالمين في زعمهم أنه ابن الله ، بل هو عبده ورسوله وابن أمته ، ثم برأ أمه مما نسبها إليه الجاهلون وقذفوها به ورموها بسببه بقوله :" آتاني الكتاب وجعلني نبيا " فإن الله لا يعطي النبوة من هو كما زعموا لعنهم الله وقبحهم ، وكما قال تعالى :" وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما " وذلك أن طائفة من اليهود في ذلك الزمان قالوا : إنها حملت به من زنى في زمن الحيض ، لعنهم الله فبأها الله من ذلك وأخبر عنها أنها صديقة واتخذ ولدها نبياً مرسلاً أحد أولي العزم الخمسة الكبار ولهذا قال ك" وجعلني مباركا أين ما كنت " وذلك أنه حيث كان دعا إلى عبادة الله وحده لا شريك له ونزه جنابه عن النقص والعيب من اتخاذ الولد والصاحبة تعالى وتقدس " وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا " وهذه وظيفة العبيد في القيام بحق العزيز الحميد بالصلاة ، والإحسان إلى الخيقة بالزكاة ، وهي تشتمل على طهارة النفوس من الأخلاف الرذيلة وتطهير الأموال الجزيلة بالعطية للمحاويج على اختلاف الأصناف وقري الأضياف والنفقات على الزوجات والأرقاء والقرابات وسائر وجوه الطاعات وأنواع القربات .

ثم قال :" وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا " أي وجعلني براً بوالدتي وذلك أنه تأكد حقها عليه لتحض جهتها إذ لا والد له سواها ، فسبحان من خلق الخيقة وبرأها وأعطى كل نفس هداها ." ولم يجعلني جبارا شقيا " أي لست بفظ ولا غليظ ، ولا يصدر مني قول ولا فعل ينافي أمر الله وطاعته .

" والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا " وهذه المواطن الثلاثة اليت تقدم الكلام عليها في قصة يحي بن زكريا عليهما السلام .

ثم لما ذكر تعالى قصته على الجلية وبين أمره ووضحه وشرحه قال :" ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون * ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون " كما قال تعالى بعد ذكر قصته وما كان من أمره في آل عمران :" ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم * إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون * الحق من ربك فلا تكن من الممترين * فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين * إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم * فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين ".

ولهذا لما قدم وفد نجران وكانوا ستين راكباً يرجع أمرهم إلى أربعة عشر منهم ، ويؤول أمر الجميع إلى ثلاثة هم أشرافهم وساداتهم وهم العاقب والسيد وأبو حارثة بن علقمة ، فجعلوا يناظرون في أمر المسيح فأنزل الله صدر سورة آل عمران في ذلك ، وبين أمر المسيح وابتداء خلقه وخلق أمه من قبله . وأمر رسوله بأن يباهلهم إن لم يستجيبوا له ويتبعوه ، فلما رأوا عينيها وأذنيها نطصوا وامتنعوا عن المباهلة وعدلوا إلى المسالة والموادعة ، وقال قائلهم وهو العقب عبد المسيح : يا معشر النصارى . . لقد علمتم أن محمداً لنبي مرسل ، ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم ، ولقد علمتم أنه ما لاعن قوم نبياً قط فبقي كبيرهم ولا نبت صغيرهم وإنها للاستئصال منكم إن فعلتم ، فإن كنتم قد أبيتم إلا إلف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم ، فطلبوا ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وسألوه أن يضرب عليهم جزية وأن يبعث معهم رجلاً أميناً ، فبعث معهم أبا عبيدة بن الجراح وقد بينا ذلك في تفسير آل عمران وقد بسطنا هذه القسة في السيرة النبوية .

والمقصود أن الله تعالى بين أمر المسيح فقال لرسوله :" ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون " يعني من أنه عبد مخلوق من امرأة من عباد الله ، ولهذا قال :" ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون " أي لا يعجزه شيء ولا يكرنه ولا يؤوده بل هو القدير الفعال لما يشاء " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " وقوله :" وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم " هو من تمام كلام عيسى لهم في المهد ، أخبرهم أن الله ربه وربهم وإلهه وإلههم ، وأن هذا هو الصراط المستقيم .

قال الله تعالى :" فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم " أي فاختلف أهل ذلك الزمان ومن بعدهم فيه .

فمن قائل من اليهود : إنه ولد زنية ، واستمروا على كفرهم وعنادهم .

وقابلهم آخرون في الكفر فقالوا : هو الله ، وقال آخرون : هو ابن الله .

وقال المؤمنون : هو عبد الله ورسوله ، وابن أمته وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، وهؤلاء هم الناجون المثابون والمؤيدون المنصورون ، ومن خالفهم في شيء من هذه القيود فهم الكافرون الضالون الجاهلون ، وقد توعدهم العي العظيم الحكيم العليم بقوله :" فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم ".

قال البخاري : حدثنا صدقة بن الفضل ، أنبأنا الوليد ، حدثنا الأوزاعي ، حدثني عمير بن هانئ ، حدثني جنادة بن أبي أمية ، عن عبادة بن الصامت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال :" من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل ".

قال الوليد : فحدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن عمير ، عن جنادة : وزاد :" من أبواب الجنة الثمانية أيها شاء "ز

وقد رواه مسلم عن داود بن رشيد ، عن الوليد ، عن جابر به ومن طريق أخري عن الأوزاعي به .



باب بيان أن الله تعالى منزه عن الولد تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً

وقال تعالى في آخر سورة مريم :" وقالوا اتخذ الرحمن ولدا * لقد جئتم شيئا إدا " شيئاً عظيماً من القول وزوراً " تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا * أن دعوا للرحمن ولدا * وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا * إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا * لقد أحصاهم وعدهم عدا * وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ".

فبين أنه تعالى لا ينبغي له الولد لأنه خالق كل شيء ومالكه ، وكل شيء فقير إليه ، خاضع ذليل لديه وجميع سكان السموات والأرض عبيده ، هو ربهم لا إله إلا هو لا رب سواه كما قال تعالى :" وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون * بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم * ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل * لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ".

فبين أنه خالف كل شيء فكيف يكون له ولد ، والولد لا يكون إلا بين شيئين متناسبين ، والله تعالى لا نظير له ولا شبيه ولا عديل له ، فلا صاحبة له ، فلا يكون له ولد كما قال تعالى :" قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد " يقرر أنه الأحد الذي لا نظير له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله " الصمد " وهو السيد الذي كمل علمه وحكمته ورحمته وبلغ جميع صفاته " لم يلد " أي لم يوجد منه ولد " ولم يولد " أي ولم يتولد عن شيء قبله " ولم يكن له كفوا أحد " أي وليس له عدل ولا مكافئ . ولا مساو فقطع النظير المداني والأعلى والمساوي ، فانتفى أن يكون له ولد ، إذ لا يكون الولد إلا متولداً بين شيئين متعادلين أو متقاربين ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .

وقال تبارك وتعالى وتقدس :" يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا * لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا * فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا ".

ينهى تعالى أهل الكتاب ومن شابههم عن الغلو والإطراء في الدين وهو مجاوزة الحد ، فالنصارى لعنهم الله غلوا وأطروا المسيح حتى جاوزوا الحد .

فكان الواجب عليهم أن يعتقدوا أنه عبد الله ورسوله وابن أمته العذراء البتول التي أحصنت فرجها فبعث الله الملك جبريل إليها فنفخ فيها من أمر الله نفخة حملت منها بولدها عيسى عليه السلام . والذي اتصل بها من الملك هي الروح المضافة إلى الله إضافة تشريف وتكريم ، وهي مخلوقة من مخلوقات الله تعالى كما يقول : بيت الله وناقة الله وعبد الله ، وكذا روح الله أضيفت إليه تشريفاً لها وتكريماً . وسمى عيسى بها لأنه كان بها من غير أب وهي الكلمة أيضاً التي عنها خلق وبسببها وجد كما قال تعالى :" إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون " . وقال تعالى :" وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون * بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ".

وقال تعالى :" وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون ".

فأخبر تعالى أن اليهود والنصارى عليهن لعائن الله ، كل من الفريقين ادعوا على الله شططاً وزعموا أن له ولداً ، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً ، وأخبر أنهم ليس لهم مستند فيما زعموه ولا فيما ائتفكوه ، إلا مجرد القول ومشابهة من سبقهم إلى هذه المقالة الضالة تشابهت قلوبهم .

وذلك أن الفلاسفة عليهم لعنة الله زعموا أن العقل الأول صدر عن واجب الوجود الذي يعبرون عنه بعل العلل والمبدأ الأول ، وأنه صدر عن العقل الأول عقل ثان ونفس وفلك ، ثم صدر عن الثاني كذلك حتى تناهب العقول إلى عشرة والنفوس إلى تسعة والأفلاك إلى تسعة ، باعبارات فاسدة ذكروها واختيارات باردة أوردوها . ولبسط الكلام معهم وبيان جهلهم وقلة عقلهم موضع آخر .

وهكذا طوائف من مشركي العرب زعموا لجهلهم أن الملائكة بنات الله وأنه صاهر سروات الجن فتولد منها الملائكة . تعالى الله عما يقولون وتنزه عما يشركون . كما قال تعالى : " وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون " وقال تعالى :" فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون * أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون * ألا إنهم من إفكهم ليقولون * ولد الله وإنهم لكاذبون * أصطفى البنات على البنين * ما لكم كيف تحكمون * أفلا تذكرون * أم لكم سلطان مبين * فاتوا بكتابكم إن كنتم صادقين * وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون * سبحان الله عما يصفون * إلا عباد الله المخلصين ".

قال تعالى :" وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون * ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين ".

وقال تعالى في أول سورة الكهف وهي مكية :" الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا * ماكثين فيه أبدا * وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا * ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ".

وقال تعالى :" قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون * قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون * متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون ".

فهذه الآيات المكيات الكريمات تشمل الرد على سائر فرق الكفرة من الفلاسفة ومشركي العرب واليهود والنصارى الذين ادعوا وزعموا بلا علم أن لله ولدا سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون المعتدون علواً كبيراً .

ولما كانت النصارى عليهم لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة من أشهر من قال بهذه المقالة ذكروا في القرآن كثيراً للرد عليهم وبيان تناقضهم وقلة علمهم وكثرة جهلهم ، وقد تنوعت أقوالهم في كفرهم ، وذلك أن الباطل كثير التشعب والاختلاف والتناقض .

وأما الحق فلا يختلف ولا يضطرب . قال الله تعالى :" ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ". فدل على أنه الحق يتحد ويتفق والباطل يختلف ويضطرب . فطائفة من ضلالهم وجهالهم زعموا أن المسيح هو الله تعالى ، وطائفة قالوا هو ابن الله ، عز الله وجل . وطائفة قالوا هو ثالث ثلاثة . جل الله .

قال الله تعالى في سورة المائدة :" لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير " فأخبر تعالى عن كفرهم وجهلهم وبين أنه الخالق القادر على كل شيء وأنه رب كل شيء ومليكه وإلهه . وقال في أواخرها :" لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار * لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم * أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم * ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون ".

حكم تعالى بكفرهم شرعا وقدرا ، فأخبر أن هذا صدر منهم مع أن الرسول إليهم هو عيسى ابن مريم ، وقد بين لهم أنه عبد مربوب مخلوق مصور في الرحم داع إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وتوعدهم على خلاف ذلك بالنار وعدم الفوز بدار القرار والخزء في الدار الآخرة والهوان والعار ، ولهذا قال :" إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ".

ثم قال : " لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد " قال ابن جرير وغيره : المراد بذلك قولهم بالأقانيم الثلاثة : أقنوم الأب وأقنوم الابن وأقنوم الكلمة المنبثقة من الأب والابن ، على اختلافهم في ذلك ما بين المليكية واليعقوبية والنسطورية ، عليهم لعائن الله كما سنبين كيفية اختلافهم في ذلك ومجامعهم الثلاثة في زمن قسطنطين ابن قسطس ، وذلك بعد المسيح بثلاثمائة سنة وقبل البعثة المحمدية بثلاثمائة سنة .

ولهذا قال تعالى :" وما من إله إلا إله واحد " أي وما من إله إلا الله وحده لا شريك له ولا نظير له ولا كفؤ له ولا صاحبة له ولا ولد ، ثم توعدهم وتهددهم فقال :" وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم " ثم دعاهم برحمته ولطفه إلى التوبة والاستغفار من هذه الأمور الكبار والعظائم التي توجب النار فقال :" أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ".

ثم بين حال المسيح وأمه وأنه عبد رسول وأمه صديقة ، أي ليست بفاجرة كما يقول اليهود لعنهم الله ، وفيه دليل على أنها ليست بنبية كما زعمه طائفة من علمائنا . وقوله :" كانا يأكلان الطعام " كناية عن خروجه منهما كما يخرج من غيرهما ، أي ومن كان بهذه المثابة كيف يكون إلهاً ! تعالى الله عن قولهم وجهلهم علواً كبيراً .

وقال السدي وغيره ، المراد بقوله :" لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة " زعمهم في عيسى وأمه أنهما الإلهان مع الله ، يعني كما بين تعالى كفرهم في ذلك بقوله في آخر هذه السورة الكريمة :" وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب * ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد * إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ".

يخبر تعالى أنه يسأل عيسى ابن مريم عليه السلام يوم القيامة على سبيل الإكرام له والتفريغ والتبويخ لعابديه ممن كذب عليه وافترى وزعم أنه ابن الله ، أو أنه الله أو أنه شريكه ، تعالى الله عما يقولون ، فيسأله وهو يعلم أنه لم يقع منه ما يسأله عنه ولكن لتوبيخ من كذب عليه فيقول له :" أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك " أي تعاليت أن يكون معك شريك " ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق " أي ليس هذا يستحقه أحد سواك " إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب " وهذا تأدب عظيم في الخطاب والجواب " ما قلت لهم إلا ما أمرتني به " أي ما قلت غير ما أمرتني عليه حين أرسلتني إليهم وأنزلت علي الكتاب الذي كان يتلى عليهم . ثم فسر ما قاله لهم بقوله :" أن اعبدوا الله ربي وربكم " أي خالقي وخالقكم ورازقي ورازقكم " وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني " أي رفعتني إليك حين أرادوا قتلي وصلبي فرحمتني وخلصتني منهم وألقيت شبهي على أحدهم حتى انتقموا منه كان ذلك " كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد ".

ثم قال على وجه التفويض إلى الرب عز وجل والتبري من أهل النصرانية :" إن تعذبهم فإنهم عبادك " أي وهم يستحقون ذلك " إن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " وهذا التفويض والإسناد إلى المشيئة بالشرط لا يقتضي وقوع ذلك ، ولهذا قال :" فإنك أنت العزيز الحكيم " ولم يقل الغفور الرحيم .

وقد ذكرنا في التفسير ما رواه الإمام أحمد عن أبي ذر أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قام بهذه الآية الكريمة ليلة حتى أصبح :" إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " وقال :" إني سألت ربي عز وجل الشفاعة لأمتي فأعطانيها وهي نائلة إن شاء الله تعالى لمن لا يشرك بالله شيئاً ". وقال :" وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين * لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين * بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون * وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون * يسبحون الليل والنهار لا يفترون ".

وقال تعالى :" لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار * خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار ".

وقال تعالى :" قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين * سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون ".

وقال تعالى :" وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ".

وقال تعالى :" قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد ".

وثبت في الصحيح عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال :" يقول الله تعالى : شتمني ابن آدم ولم يكن له ذلك ، يزعم أن لي ولداً وأنا الأحد الصمد الذي لم ألد ولم أولد ولم ين لي كفواً أحد ".

وفي الصحيح أيضاً عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال :" لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله ، إنهم يجعلون له ولداً وهو يزرقهم ويعافيهم ".

ولكن ثبت في الصحيح أيضاً عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال :" إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " ثم قرأ :" وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ".

وهكذا قوله تعالى :" وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير ".

وقال تعالى :" نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ " وقال تعالى :" قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون * متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون ". وقال تعالى :" فمهل الكافرين أمهلهم رويدا ".











ذكر منشأ عيسى ابن مريم عليهما السلام ومرباه في صغره وصباه

وبيان بدء الوحي إليه من الله تعالى

قد تقدم أنه ولد ببيت لحم قريبا من بيت المقدس .

وزعم وهب بن منبه أنه ولد بمصر وأن مريم سافرت هي ويوسف بن يعقوب النجار وهي راكبة على حمار ليس بينهما وبين الإكاف شيء .

وهذا لا يصح ، والحديث الذي تقدم ذكره دلياط على أن مولده كان ببيت لحم ، ذكرنا ، ومهما عارضه فباطل .

وذكر وهب بن منبه أنه لما خرت الأصنام يومئذ في مشارق الأرض ومغاربها ، وأن الشياطين حارت في سبب ذلك حتى كشف لهم أبليس الكبير أمر عيسى فوجدوه في حجر أمه والملائكة محدقة به ، وأنه ظهر نجم عظيم في السماء وأن ملك الفرس أشفق من ظهروه فسأل الكهنة عن ذلك فقالوا : هذا لمولد عظيم في الأرض ، فبعث رسالة ومعهم ذهب ومر ولبان هدية إلى عيسى ، فلما قدموا الشام سألهم ملكهم عما أقدمهم فذكروا له ذلك ، فسأل عن ذلك الوقت فإذا قد ولد فيه عيسى ابن مريم ببيت المقدس واشتهر أمره بسبب كلامه في المهد ، فأرسلهم إليه بما معهم وأرسل معهم من يعرفه له ليتوصل إلى قتله إذا رسل ملك الشام إنما جاءوا ليقتلوا ولدك . فاحتملته فذهبت به إلى مصر ، فأقامت به حتى بلغ عمره اثنتي عشرة سنة ، وظهرت عليه كرامات ومعجزات في حال صغره . فذكر منها الدهقان الذي نزلوا عنده افتقد مالاً من داره وكانت داره لا يسكنها إلا الفقراء والضعفاء والمحاويج فلم يدر من أخذها ، وعز ذلك على مريم عليها السلام وشق على الناس وعلى رب المنزل وأعياهم أمرها ، فلما رأى عيسى عليه السلام ذلك عمد إلى رجل أعمى وآخر مقعد من جملة من هو منقطع إليه . فقال للأعمى : احمل هذا المقعد وانهض به . فقال : إني لا أستطيع ذلك . فقال : بلى كما فعلت أنت وهو حين أخذتما هذا المال من تلك الكوة في الدار . فلما قال ذلك صدقاه فيما قال وأتيا بالمال فعظم عيسى في أعين الناس وهو صغير جداً .

ومن ذلك أن ابن الدهقان عمل ضيافة للناس بسبب طهور أولاده ، فلما اجتمع الناس وأطعمهم ثم أراد أن يسقيهم شراباً - يعني خمراً - كما كانوا يصنعون في ذلك الزمان لم يجد في جراره شيئاً فشق ذلك عليه ، فلما رأى عيسى ذلك منه قام فجعل يمر على تلك الجرار ويمر يده على أفواههم فلا يفعل بجرة منها ذلك إلا امتلأت شراباً من خيار الشراب ، فعتعجب الناس من ذلك جداً وعظموه وعرضوا عليه وعلى أمه مالاً جزيلاً فلم يقبلاه وارتحلا قاصدين بيت المقدس . . والله أعلم .

وقال إسحاق بن بشر : أنبأنا عثمان بن ساج وغيره ، عن موسى ابن وردان ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، وعن مكحول عن أبي هريرة قال : إن عيسى ابن مريم أول ما أطلق الله لسانه بعد الكلام الذي تكلم به وهو طفل ، فمجد الله تمجيداً لم تسمع الآذان بمثله لم يدع شمساً ولا قمراً ولا جبلاً ولا نهراً ولا عيناً إلا ذكره في تمجيده فقال : اللهم أنت القريب في علوك ، المتعال في دنوك ، الرفيع على كل شيء من خلقك ، أنت الذي خلقت سبعاً في الهواء بكلماتك مستويات طباقاً أجبن وهي دخان من فرقك فأتين طائعات لأمرك ، فيهن ملائكتك يسبحون قدسك لتقديسك وجعلت فيهن نوراً على سواد الظلام وضياء من ضوء الشمس بالنهار ، وجعلت فيهن الرعد المسبح بالحمد ، فبعزتك يجلو ضوء ظلمتك وجعلت فيهن مصابيح يهتدي به في الظلمات الحيران ، فتباركت اللهم في مفطور سماواتك وفيما دحوت من أرضك دحوتها على الماء فمسكتها على تيار الموج الغامر ، فأذللتها إزلال التظاهر ، فذل لطاعتك صعبها واستحيا لأمرك أمرها وطبعت بعزتك أمواجها ، ففجرت فيها بعد البحور الأنهار ومن بعض الأنهار الجداول الصغار ومن بعد الجداول ينابيع العيون الغزار ، ثم أخرجت منها الأنهار والأشجار والثمار ثم جعلت على ظهرها الجبال فوتدتها أوتاداً على ظهر الماء ، فأطاعت أطوادها وجلمودها .

فتباركت اللهم ! فمن يبلغ بنعته نعتك أم من يبلغ صفتك ؟ تنشر السحاب وتفك الرقاب وتقضي الحق وأنت خير الفاصلين ، لا إله إلا أنت سبحانك أمرت أن نستغفرك من كل ذنب ، لا إله إلا أنت سبحانك سترت السموات عن الناس ، لا إله إلا أنت سبحانك إنما يخشاك من عبادك الأكياس ، نشهد أنك لست بإله استحدثناك ، ولا رب يبيده ذكره ، ولا كان معك شركاء فندعوهم ونذرك ، ولا أعانك على خلفنا أحد فنشك فيك ، نشهد أنك أحد صمد لم تلد ولم تولد ، ولم يكن لك كفواً أحد .

وقال إسحاق بن بشر ، عن جويبر ومقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، أن عيسى ابن مريم أمسك عن الكلام بعد أن كلمهم طفلاً حتى بلغ ما يبلغ الغلمان . ثم أنطقه الله بعد ذلك الحكمة والبيان فأكثر اليهود فيه وفي أمه من القول ، وكانوا يسمونه ابن البغية وذلك قوله تعالى :" وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما ".

قال : فلما بلغ سبع سنين أسلمته أمه في الكتاب ، فجعل لا يعلمه المعلم شيئاً إلا بدره إليه ، فعلمه أبا جاد فقال عيسى ، ما أبو جاد ؟ فقال المعلم : لا أدري . فقال عيسى : كيف تعلمني مالا تدري . فقال المعلم : إذن فعلمني . فقال له عيسى : فقم من مجلسك . فقام فجلس عيسى مجلسه فقال : سلني ؟ فقال المعلم : فما أبو جاد ؟ فقال عيسى : الألف آلاء الله . والباء بهاء الله . والجيم بهجة الله وجماله . فعجب المعلم من ذلك فكان أول من فسر أبا جاد .

ثم ذكر أن عثمان سأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن ذلك فأجابه على كل كلمة بحديث طويل موضوع لا يسأل عنه ولا يتمادى !

وهكذا روى ابن عدي من حديث إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن مسعود ، عن مسعر بن كدام عن عطية ، عن أبي سعيد ، رفع الحديث في دخول عيسى إلى الكتاب وتعليمه المعلم معنى حروف أبي جاد وهو مطول لا يفرح به .

ثم قال ابن عدي : وهذا الحديث باطل بهذا الإسناد لا يرويه غير إسماعيل . وروى ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة قال : كان عبد الله بن عمر يقول : كان عيسى ابن مريم وهو غلام يلعب مع الصبيان فكان يقول لأحدهم : تريد أن أخبرك ما خبأت لك أمك ؟ فيقول : نعم فيقول : خبأت لك كذا وكذا . فيذهب الغلام منهم إلى أمه فيقول لها أطعميني ما خبأت لي . فتقول : وأي شيء خبأت لك ؟ فيقول :كذا وكذا . فتقول له : من أخبرك ؟ فيقول : عيسى ابن مريم ليفسدنهم . فجمعوهم في بيت وأغلقوا عليهم ، فخرج عيسى يلتمسهم فلم يجدهم فسمع ضوضاءهم في بيت فسأل عنهم فقالوا : إنما هؤلاء قردة وخنازير . فقال : الله كذلك . فكانوا كذلك . رواه ابن عساكر .

وقال إسحاق بن بشر ، عن جويبر ، ومقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس قال : وكان عيسى يرى العجائب في صباه إلهاماً من الله ، ففشا ذلك في اليهود وترعرع عيسى ، فهمت به بنو إسرائيل ، فخافت أمه عليه ، فأوحى الله إلى أمه أن تنطلق به إلى أرض مصر ، فذلك قوله تعالى :" وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ".

وقد اختلف السلف والمفسرون في المراد بهذه الربوة التي ذكر الله من صفتها أنها ذات قرار ومعين ، وهذه صفة غريبة الشكل ، وهي أنها ربوة وهو المكان المرتفع من الأرض الذي أعلاه مستو يقر عليه وارتفاعه متسع ، ومع علوه فيه عيون الماء المعين ، وهو الجاري السارح على وجه الأرض فقيل : المراد المكان الذي ولدت فيه المسيح وهو نخلة بيت المقدس ، ولهذا " ناداها من تحتها أن لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا " وهو النهر الصغير في قول جمهور السلف ، وعن ابن عباس بإسناد جيد أنهار دمشق فلعله أراد تشبيه ذلك المكان بأنهار دمشق . وقيل ذلك بمصر كما زعمه من زعمه من أهل الكتاب ومن تلقاه عنهم . . والله أعلم .

وقيل هي الرملة .

وقال إسحاق بنبشر : قال لنا إدريس عن جده وهب بن منبه ، قال : إن عيسى لما بلغ ثلاث عشرة سنة أمره الله أن يرجع من بلاد مصر إلى بيت إيليا قال فقدم عليه يوسف ابن خال أمه فحملهما على حمار حتى جاء لهما إيليا وأقام بها حتى أحدث الله له الإنجيل وعلمه التوراة وأعطاه إحياء الموتى وإبراء الأسقام والعلم بالغيوب مما يدخرون في بيوتهم وتحدث الناس بقدومه وفزعوا لما كان يأتي من العجائب ، فجعلوا يعجب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ali zz

ali zz


ذكر الجوزاء التِنِّين تاريخ الميلاد : 19/06/1988
عدد المساهمات : 657
نقاط : 860
تاريخ التسجيل : 18/03/2010
العمر : 36

ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول   ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول Icon_minitimeالخميس مارس 18, 2010 6:11 am

مشكور
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
tarkan22s

tarkan22s


ذكر الدلو الفأر تاريخ الميلاد : 04/02/1985
عدد المساهمات : 164
نقاط : 259
تاريخ التسجيل : 06/03/2010
العمر : 39

ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول   ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول Icon_minitimeالجمعة مارس 19, 2010 9:58 am

شكرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
king

king


ذكر الاسد التِنِّين تاريخ الميلاد : 23/07/1976
عدد المساهمات : 375
نقاط : 664
تاريخ التسجيل : 08/03/2010
العمر : 48

ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول   ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول Icon_minitimeالخميس أبريل 01, 2010 1:54 pm

شكرررررررررررررررر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله وابن أمته عليه من الله أفضل الصلاة والسلام
» ذكر رفع عيسى عليه السلام إلى السما
» تابع عيسى عليه السلام
» ذكر صفة عيسى عليه السلام وشمائله وفضائله
» رجل يري رؤيه أن الرسول يغسل الشيخ محمد حسان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مركز شباب القرشيه :: المنتدى الدينى :: قصص الانبياء-
انتقل الى: